بعد "تعليمات تبون" ضد الشركات المغربية.. هل ترد الجزائر بحرب اقتصادية بعد الفشل الاستخباراتي في قضية غالي؟
أتى قرار الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بخصوص إنهاء التعامل مع الشركات المغربية ومنع تحويل الأرباح إليها، في ظل حديث متزايد عن فشل التنسيق الثنائي الجزائري الإسباني لإدخال زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى الأراضي الإسبانية للعلاج بهوية جزائرية مزورة، وذلك بعد نجاح "الاختراق الاستخباراتي" المغربي في الوصول للمعلومات الكاملة حول هذا الموضوع، الأمر الذي يشي بشروع الجزائر في الرد على ذلك عبر بوابة "الحرب الاقتصادية".
ويرى العباس الوردي، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، أن هناك "غيظا" يبرز لدى القيادة الجزائرية وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون تجاه المغرب، والذي يتضح من خلال اللجوء لأساليب "غير مقبولة" تجاه المغرب، آخرها قرار تبون الذي ظهر أول أمس الأحد، والذي "لا يمكن قبوله وفق الأعراف الدولية، لأن التجارة بين الدول وحركية المقاولات لا ينظمها الرئيس الجزائري أو غيره، وإنها تُنظم وفق مقتضيات وأحكام منظمة التجارة العالمية ووفق قوانين ناظمة تحكم الدول".
واعتبر الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية أن هذه الممارسات تمثل رد فعل على "نجاح الدبلوماسية المغربية"، وخاصة في قضية الصحراء، لكنه في المقابل نبه إلى شيء أخطر، وهو أن تكون المملكة مستهدفةً بحرب اقتصادية مُنسقة تخوضها أكثر من دولة، إذ عاد لقرار ألمانيا منع تصدير الأبقار إلى المغرب مباشرة عقب إعلان الرباط قطع علاقتها مع برلين ورفضها "التعامل العدائي" للألمان مع قضية الصحراء المغربية، خالصا إلى أن هناك تشابها بين التصرف الألماني والجزائري، ما يعد دليلا على وجود تنسيق خفي بين الدولتين ضد المصالح المغربية.
ويعتبر الوردي أن هناك حاليا تجاوزات من لدن الجزائر على المستوى الإقليمي ضد المغرب "وهذا ينم عن عدم اعترام قواعد حسن الجوار الموثقة في ديباجة الأمم المتحدة"، موردا أن الجارة الشرقية للمملكة وصلت حد "القطيعة النهائية مع المغرب"، متوقعا أن تتعامل الرباط "بحزم" مع ذلك بعدما "نادت مرارا بضرورة الرجوع إلى جادة الصواب".
ووفق المتحدث نفسه فإن تعليمة تبون دليل آخر على أن الجزائر "فتحت أكثر من واجهة صراع مع المغرب جراء خيبة أملها من الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على الصحراء وفشلها في إقناع إدارة الرئيس جو بايدن بالتراجع عنه، ثم سحب الاعترافات المتتالية بالبوليساريو وفتح مجموعة من التمثيليات الدبلوماسية في أقاليم الصحراء، وفي ظل تنامي دعم مقترح الحكم الذاتي"، لكنه يشير أيضا إلى جانب العامل الاقتصادي المتمثل في "جلب استثمارات مكثفة إلى مدينتي العيون والداخلة اللذان يتحولان إلى قطبين تجاريين دوليين".
وكانت التعليمة الرئاسية الأولى لتبون منذ توليه رئاسة الجمهورية، والموجهة إلى الوزير الأول وأعضاء الحكومة ومسؤولي مؤسسات القطاع العام التجاري، قد تحدثت عن "تقارير تشير إلى مساس خطير بالأمن الوطني ضالعة فيه مؤسسات اقتصادية وطنية، عمومية وخاصة، قامت بربط علاقات تعاقدية مع كيانات أجنبية دون مراعات المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للبلد"، في إشارة ضمنية إلى الشركات المغربية.
وجاء في الوثيقة الموقعة من طرف الرئيس الجزائري أن الأمر يتعلق في الكثير من المرات "بعقود يتمخض عنها خروج العملة الصعبة إلى الخارج لأجل تأدية خدمات بالكاد توصف بمتوسطة التعقيد، ويمكن للمؤسسات الجزائرية الاضطلاع بها بكل سهولة"، موردا أنه وجه تعليمات لوزير المالية بعدم السماح بتحويل أي أرباح تتعلق بعقود من هذا النوع نحو الخارج، وبأنه يتعين فسخها في الحين.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :